مفهوم المصطلح ووظائفه د/ عزالدين البوشيخي
أولا- شكر وعرفان
نشكر أخانا المفضال الدكتور عبد الرحمن الشهري على ما يقوم به وزملاؤه الأجواد من
نشكر أخانا المفضال الدكتور عبد الرحمن الشهري على ما يقوم به وزملاؤه الأجواد من
جهود في خدمة القرآن الكريم عبر مركز تفسير والآن
عبر كرسي القرآن وعلومه بجامعة الملك سعود أيضا
ثم نشكر الفريق المعاون لتنظيم الورشة
وأخيرا نشكر الضيوف الأكارم منِ المملكة المغربية الشقيقة الأستاذ الدكتور عز الدين البوشيخي والأستاذ الدكتور مصطفى فوضيل والأستاذ الدكتور محمد أزهري.
ثانيا - فوائد من اللقاء
ليس سهلا في لقاء علمي متميز كهذا أن يقوم المتلقي بإحصاء فوائده ، خصوصا أن كثيرا من هذه الفوائد تبقى حبيسة الفؤاد مفتقرة إلى لسان يدل عليها ويترجم عنها وإلى أن يتم لي ذلك فسأقارب بذكر بعض ما تجود به الذاكرة. معللا قصدي إلى الكتابة هنا بضيق وقت المناقشة وكثرة المناقشين آملا أن يكون في طرحي هذا عوض عما فاتني من النقاش المباشر.
المحاضرة الأولى كانت بعنوان "المصطلح وظائفه وخصائصه وتوظيفه وشروطه" للأستاذ الدكتور عز الدين البوشيخي
ومن أهم الفوائد التي اشتمل عليها عرض فضيلته:
1- بين فضيلته أهمية المصطلح في تحديد المفاهيم ومدح المصطلح التراثي ودعا إلى توظيفه في العلوم الآنية كبديل للمصطلح الوافد.
2- التفريق بين الدلالة اللغوية والدلالة المصطلحية من خلال بيان أن الدلالة اللغوية في أصلها اعتباطية عفوية بخلاف الدلالة المصطلحية فإنها مبنية على وعي مسبق.
تعقيب:
كل من له دراية بتاريخ اللغات وفقهها وبالأخص اللغة العربية يعرف الخلاف القائم حول كون اللغة مواضعة أو توقيفية أو توفيقية فهذه الثلاثة الآراء يمضي بعضها بإزاء بعض في إطار من الاحتمال الذي يصعب معه أن يترجح أحدها على الآخرَيْن.
وإن كان ابن فارس في كتابه "الصاحبي" قد تعصب كل التعصب في كون اللغة توقيفية مستدلا بقوله تعالى [وعلم آدم الأسماء كلها] غير أن علماء آخرين كابن جني وغيره قد عمدوا إلى كون اللغة مواضعة.
ويلتقي هذان الطرفان في محاولة ثالثة توفيقية جامعة بينهما مقررة أن اللغة تجمع بين التوقيف والاصطلاح أو المواضعة .. أو بين التوقيف والتوفيق.
3- ثم ذكر سيادته أن الكلمة إنما تفهم في سياقها اللغوي أو الاجتماعي .. أما المصطلح فإنه يفهم في مجاله المستخدم فيه علميا كان أو إنسانيا أو شرعيا
وهنا يلفت الدكتور عز الدين النظر إلى أن المفرد عارية عن معناها ما لم ترد في سياق يكشف عنه.
تعقيب:
رائع جدا هذا التفريق بين الكلمة والمصطلح من حيث بيان سبل الوصول إلى معنى كل منهما وخصائصهما.
لكن قول فضيلته: إن الكلمة لا معنى لها البتة إلا من خلال سياقها فهذا ما يحتاج إلى أن نقف عنده .. لأننا نثق في أن الكلمة في أصلها لها معنى ثابت في نفسها وقد يطرأ عليه شيء من التغيير تبعا لاستعمالها من حيث سياقها لكن يبقى هذا القدر المشترك ثابتا في كل المعاني التي دل عليها اللفظ في سياقاته المختلفة هذا القدر المشترك هو المعنى الثابت للكلمة الذي تعرف به ويعرف بها وإن لم تكن في سياق.
ولئن كان الجرجاني قد نفى أن توصف الكلمة ببلاغة بعيدا عن سياقها فإن ذلك لا يعني أنها عارية المعنى بعيدا عن هذا السياق.
وليعذرني فضيلته فرأيه هذا يقزِّم جدا من مكانة المفردة ويسلبها أقل حقوقها.
4- ومن الفوائد أيضا بيانه أن تعريف المصطلح يجب أن يكون بأقصر عبارة ممكنة على أن يتميز بالبساطة والوضوح.
وعلامة نجاح التعريف في تحديد مفهوم المصطلح إمكانية أن يحل التعريف محل المصطلح.
تعقيب:
هذا معيار رائع في بيان نجاح التعريف في الكشف عن مفهوم المصطلح أو عدمه.
وهنا يقرر سيادته أن المعتبر في تعريف المصطلحات الآن هو الاستعمال وليس كما كان الأوائل يفعلون من تحديد التعريفات باعتبار ما تتمكن منه من الكليات الخمس المعروفة عند المناطقة وبمقدار تمكنه منها يكون تقييم التعريف قوة وضعفا.
وقد نتج عن هذا الكلام سؤال عن كون التعريفات تفتقد خاصية الجمع والمنع إذا لم تتقيد بحدود المناطقة.
وهو ما أكد عليه فضيلته قائلا: نعم إنه لا توجد تعريفات جامعة مانعة بل العملية نسبية.
وهو ما يجعلنا نتساءل عن جدوى التعريف ما لم يكن حاصرا ومحددا للمفهوم بما يخرجه عن غيره ، ويمنع في الوقت نفسه دخول الأغيار.
5- ومن الفوائد ما أشار إليه فضيلته مما يعرف بالمصطلحات الرحّالة أي التي تستعمل في أكثر من مجال بمفاهيم مختلفة تبعا للمجال الذي استخدمت فيه.
كمصطلح "التاج" فإنه لغة يعني ما يلبس فوق الرأس لكنه في اصطلاح أطباء الأسنان يستعمل تعبيرا عن الغطاء المعدني الذي يكسو الأسنان المريضة كنوع من العلاج.
وهنا يبرز سؤال من أحد الحاضرين حول بعض المصطلحات المستخدمة في بعض العلوم كعلم أصول الفقه ثم استخدم في علوم القرآن فما توصيفها ؟
وهنا تدخل الدكتور مصطفى فوضيل مجيبا باعتبار ذلك من المصطلحات الرحالة.
تعقيب:
الرأي عندي أنه لا يمكن اعتبار ذلك ترحيلا للمصطلح من علم إلى علم أو من مجال إلى مجال.
لأن المصطلح الأصولي استعمل في علوم القرآن في نفس مجاله وليس في مجال آخر وإذا أضفنا إلى ذلك أن علم اصول الفقه هو احد علوم القرآن وأنه وضع في الأساس ليكون ضابطا لفهم النص القرآني فإن توصيف الحالة هذه بكون المصطلح قد رحل من علم إلى آخر توصيف بعيد.
وغاية القول عندي جوابا عن السؤال وتوصيفا للحالة .. اعتبار ذلك توظيفا للمصطلح في ميدانه الأصل وهو القرآن الكريم بأن تكون تطبيقاته منه لا من أي نص آخر.
وبهذه الملابسات كلها يكون هذا المصطلح لصيق الصلة بعلوم القرآن بل هو منها وليس دخيلا عليها أو راحلا إليها من مجال آخر.
والواقع فإن فكرة طرح سؤال كهذا ومن المتخصصين يلح علينا بضرورة البحث المشترك بهدف تحديد هوية التفسير ومن ثم تحديد مصطلحاته.
وأكتفي بهذا وإلا فالفوائد جمة ولا يكمل الإفادة منها إلا بسماع المحاضرة وتملك أوراق العمل وهو ما نظن أنه سيتاح قريبا لأعضاء الملتقى. والله من وراء القصد.
ثم نشكر الفريق المعاون لتنظيم الورشة
وأخيرا نشكر الضيوف الأكارم منِ المملكة المغربية الشقيقة الأستاذ الدكتور عز الدين البوشيخي والأستاذ الدكتور مصطفى فوضيل والأستاذ الدكتور محمد أزهري.
ثانيا - فوائد من اللقاء
ليس سهلا في لقاء علمي متميز كهذا أن يقوم المتلقي بإحصاء فوائده ، خصوصا أن كثيرا من هذه الفوائد تبقى حبيسة الفؤاد مفتقرة إلى لسان يدل عليها ويترجم عنها وإلى أن يتم لي ذلك فسأقارب بذكر بعض ما تجود به الذاكرة. معللا قصدي إلى الكتابة هنا بضيق وقت المناقشة وكثرة المناقشين آملا أن يكون في طرحي هذا عوض عما فاتني من النقاش المباشر.
المحاضرة الأولى كانت بعنوان "المصطلح وظائفه وخصائصه وتوظيفه وشروطه" للأستاذ الدكتور عز الدين البوشيخي
ومن أهم الفوائد التي اشتمل عليها عرض فضيلته:
1- بين فضيلته أهمية المصطلح في تحديد المفاهيم ومدح المصطلح التراثي ودعا إلى توظيفه في العلوم الآنية كبديل للمصطلح الوافد.
2- التفريق بين الدلالة اللغوية والدلالة المصطلحية من خلال بيان أن الدلالة اللغوية في أصلها اعتباطية عفوية بخلاف الدلالة المصطلحية فإنها مبنية على وعي مسبق.
تعقيب:
كل من له دراية بتاريخ اللغات وفقهها وبالأخص اللغة العربية يعرف الخلاف القائم حول كون اللغة مواضعة أو توقيفية أو توفيقية فهذه الثلاثة الآراء يمضي بعضها بإزاء بعض في إطار من الاحتمال الذي يصعب معه أن يترجح أحدها على الآخرَيْن.
وإن كان ابن فارس في كتابه "الصاحبي" قد تعصب كل التعصب في كون اللغة توقيفية مستدلا بقوله تعالى [وعلم آدم الأسماء كلها] غير أن علماء آخرين كابن جني وغيره قد عمدوا إلى كون اللغة مواضعة.
ويلتقي هذان الطرفان في محاولة ثالثة توفيقية جامعة بينهما مقررة أن اللغة تجمع بين التوقيف والاصطلاح أو المواضعة .. أو بين التوقيف والتوفيق.
3- ثم ذكر سيادته أن الكلمة إنما تفهم في سياقها اللغوي أو الاجتماعي .. أما المصطلح فإنه يفهم في مجاله المستخدم فيه علميا كان أو إنسانيا أو شرعيا
وهنا يلفت الدكتور عز الدين النظر إلى أن المفرد عارية عن معناها ما لم ترد في سياق يكشف عنه.
تعقيب:
رائع جدا هذا التفريق بين الكلمة والمصطلح من حيث بيان سبل الوصول إلى معنى كل منهما وخصائصهما.
لكن قول فضيلته: إن الكلمة لا معنى لها البتة إلا من خلال سياقها فهذا ما يحتاج إلى أن نقف عنده .. لأننا نثق في أن الكلمة في أصلها لها معنى ثابت في نفسها وقد يطرأ عليه شيء من التغيير تبعا لاستعمالها من حيث سياقها لكن يبقى هذا القدر المشترك ثابتا في كل المعاني التي دل عليها اللفظ في سياقاته المختلفة هذا القدر المشترك هو المعنى الثابت للكلمة الذي تعرف به ويعرف بها وإن لم تكن في سياق.
ولئن كان الجرجاني قد نفى أن توصف الكلمة ببلاغة بعيدا عن سياقها فإن ذلك لا يعني أنها عارية المعنى بعيدا عن هذا السياق.
وليعذرني فضيلته فرأيه هذا يقزِّم جدا من مكانة المفردة ويسلبها أقل حقوقها.
4- ومن الفوائد أيضا بيانه أن تعريف المصطلح يجب أن يكون بأقصر عبارة ممكنة على أن يتميز بالبساطة والوضوح.
وعلامة نجاح التعريف في تحديد مفهوم المصطلح إمكانية أن يحل التعريف محل المصطلح.
تعقيب:
هذا معيار رائع في بيان نجاح التعريف في الكشف عن مفهوم المصطلح أو عدمه.
وهنا يقرر سيادته أن المعتبر في تعريف المصطلحات الآن هو الاستعمال وليس كما كان الأوائل يفعلون من تحديد التعريفات باعتبار ما تتمكن منه من الكليات الخمس المعروفة عند المناطقة وبمقدار تمكنه منها يكون تقييم التعريف قوة وضعفا.
وقد نتج عن هذا الكلام سؤال عن كون التعريفات تفتقد خاصية الجمع والمنع إذا لم تتقيد بحدود المناطقة.
وهو ما أكد عليه فضيلته قائلا: نعم إنه لا توجد تعريفات جامعة مانعة بل العملية نسبية.
وهو ما يجعلنا نتساءل عن جدوى التعريف ما لم يكن حاصرا ومحددا للمفهوم بما يخرجه عن غيره ، ويمنع في الوقت نفسه دخول الأغيار.
5- ومن الفوائد ما أشار إليه فضيلته مما يعرف بالمصطلحات الرحّالة أي التي تستعمل في أكثر من مجال بمفاهيم مختلفة تبعا للمجال الذي استخدمت فيه.
كمصطلح "التاج" فإنه لغة يعني ما يلبس فوق الرأس لكنه في اصطلاح أطباء الأسنان يستعمل تعبيرا عن الغطاء المعدني الذي يكسو الأسنان المريضة كنوع من العلاج.
وهنا يبرز سؤال من أحد الحاضرين حول بعض المصطلحات المستخدمة في بعض العلوم كعلم أصول الفقه ثم استخدم في علوم القرآن فما توصيفها ؟
وهنا تدخل الدكتور مصطفى فوضيل مجيبا باعتبار ذلك من المصطلحات الرحالة.
تعقيب:
الرأي عندي أنه لا يمكن اعتبار ذلك ترحيلا للمصطلح من علم إلى علم أو من مجال إلى مجال.
لأن المصطلح الأصولي استعمل في علوم القرآن في نفس مجاله وليس في مجال آخر وإذا أضفنا إلى ذلك أن علم اصول الفقه هو احد علوم القرآن وأنه وضع في الأساس ليكون ضابطا لفهم النص القرآني فإن توصيف الحالة هذه بكون المصطلح قد رحل من علم إلى آخر توصيف بعيد.
وغاية القول عندي جوابا عن السؤال وتوصيفا للحالة .. اعتبار ذلك توظيفا للمصطلح في ميدانه الأصل وهو القرآن الكريم بأن تكون تطبيقاته منه لا من أي نص آخر.
وبهذه الملابسات كلها يكون هذا المصطلح لصيق الصلة بعلوم القرآن بل هو منها وليس دخيلا عليها أو راحلا إليها من مجال آخر.
والواقع فإن فكرة طرح سؤال كهذا ومن المتخصصين يلح علينا بضرورة البحث المشترك بهدف تحديد هوية التفسير ومن ثم تحديد مصطلحاته.
وأكتفي بهذا وإلا فالفوائد جمة ولا يكمل الإفادة منها إلا بسماع المحاضرة وتملك أوراق العمل وهو ما نظن أنه سيتاح قريبا لأعضاء الملتقى. والله من وراء القصد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق