إن النظر في مبادئ التراث وتقييمها أمر مشروع، خصوصا إذا كان
الهدف هو تطوير الفكر اللغوي العربي القديم، وكان هذا النظر يعتمد قواعد البحث اللساني السليم بعيدا عن التأويل
والدوغمائية، لكن النظر إلى القراءة التي تقدمها لسانيات التراث يكشف أنها » أقرب
ما تكون إلى العمل الفيلولوجي من حيث إنها تضع الشروح المساعدة على فهم النصوص
المساعدة. إن القارئ في مجال التراث العربي ليس إلا شارحا وفيلولوجيا، إنه يحاول
أن يضع الشروح المساعدة على فهم النصوص القديمة فيجد نفسه من اجل تقريب فكر قديم من معاصريه(...)يلجأ إلى استعمال ألفاظ
وتعابير حديثة. وهكذا يأتي الشرح يختلط فيه القديم والحديث عبر ألفاظ لا يربط بينها سوى إرادة الشارح. لذلك لن
تفيدنا النتائج المتوصل إليها عن طريق المقارنة أو التشابه اللذين تقف عندهما
لسانيات التراث نظرا لتباعد أهدافها وأهداف العمل اللساني الصرف. عن دراسة اللغة
سانكرونيا يتعلق بدراسة قواعد اللغة العربية العام وطرق اشتغالها والجهاز الواصف لهذه اللغة.
- حدود لسانيات التراث:
إن الهدف، هنا، هو الكشف عن بعض القضايا النظرية والمنهجية العامة التي تثيرها لسانيات التراث، والكشف عن النتائج المترتبة على ذلك. فالقراءة في هذا النمط من اللسانيات تطرح إشكالات كثيرة منها جملة من القضايا الفكرية تبقى أهمها إشكالية" هوية" التراث اللغوي وعلاقته بالنظريات اللسانية وتنوعها، فـ» إذا تناولنا مثلا المستوى النحوي لهذا التراث اللغوي، فإننا نعرف أنه يشكل منظومة مرجعية خاصة بالثقافة العربية الإسلامية القديمة. إنه نسق فكري وضع في فترة تاريخية محددة نتيجة عوامل معينة، وقام على أسس فكرية معينة باعتباره جزءا من بنية ثقافية عامة، هي الثقافة العربية بمختلف مكوناتها الحضارية ( فكرية واجتماعية ودينية وسياسية ) غير أن تعدد القراءات يفقد التراث اللغوي العربي "خصوصيته"الحضارية، وذلك عندما نجعله قابلا لأن يصاغ حاضرا ومستقبلا في أي نظرية لسانية ممكنة اليوم وغدا. ما تنتهي إليه القراءة أنه كلما ظهرت نظرية لسانية جديدة فإن النحو العربي يكون قادرا على احتوائها «(ص:157).
فهل من المعقول أن يكون النحو العربي بنيويا وتوليديا ووظيفيا في أسسه النظرية والمنهجية؟ إن هذا غير ممكن إطلاقا وكل توجه من هذا القبيل يوقعنا في »مفارقة منهجية ومغالطة إبستمولوجية. إن ما يكون بنيويا تصنيفيا لا يمكنه أن يكون، في الوقت ذاته، توليديا تحويليا نظرا لاختلاف الأسس النظرية والمنهجية بين التصورين «(ص:158).
- حول مقولة تجانس التراث:
إذا كنا نتحدث عن النحو العربي بهذا الإطلاق، فإن ذلك لا يسوغ اعتبار هذا النحو مدونة متجانسة، لأننا عندما نعتبره كذلك نسمح لأنفسنا » باستنتاج أمور لا تتفق وحقيقة الظاهرة المدروسة.إن التجانس التي تضفيه القراءة على التراث يلغي التناقض الذي يزخر به هذا التراث عبر مساره الطويل «(ص:161).
إلى جانب التجانس تعتمد المقارنة بين اللغويات واللسانيات على مظاهر التشابه، لكن» ما هو هذا التشابه الذي يمكن أن يتمظهر في نمطين من التفكير لكل منهما شروطه الموضوعية والذاتية التي أفرزته وخصائصه التاريخية التي وجهته« (ص:162).
إن هذا التشابه والتجانس يلغيان الخصوصيات التي تميز كل ثقافة سواء أتعلق الأمر بالثقافة العربية الإسلامية أم بالثقافة اللسانية... وهذا ما لم يعه لسانيو التراث.
- الأبعاد الحضارية للقراءة:
إن اللجوء إلى قراءة الفكر اللغوي العربي القديم، يفرض علينا أن نميز بين موقين:»-موقف حضاري: تكون القراءة فيه، فعلا، وسيلة تكفل لنا التعرف على ذواتنا حضاريا، وتسمح لنا بإبراز خصوصياتنا أمام تحديات العصر المتعددة، وفي هذا الاتجاه تعتبر القراءة وسيلة ناجعة للتعريف بالتراث اللغوي العربي، لا باعتباره جزءا من تاريخ الفكر العربي فحسب، وإنما باعتباره أيضا محطة تاريخية في مسار الفكر اللغوي الإنساني لا يمكن تجاهلها.
- موقف علمي: حيث ينبغي أن ينظر إلى التراث على أنه نتاج معرفي، محدد بإطار تاريخي وثقافي، يوضح مصادره الفكرية، ويرسم الخطوات والمراحل التي اتبعها لتحقيق جملة من الأهداف الفكرية والاجتماعية والسياسية، يقتضي منا أن ننظر إلى التراث اللغوي العربي باعتباره نتاج مرحلة من مراحل الفكر الإنساني التي تفاعلت مع مراحل أخرى «(ص:164). وعليه وجب التفريق بين طبيعة العمل اللساني باعتباره ممارسة وبين البحث اللغوي بصفته مساهمة حضارية.
ثالثا- لسانيات العربية:
ميز مصطفى غلفان في لسانيات العربية بين ثلاثة اتجاهات أساسية:اتجاه بنيوي وصفي، واتجاه توليدي تحويلي، واتجاه تداولي وظيفي.
أولا: الكتابة العربية الوصفية:
وقف الباحث في كتابات الوصفيين على جملة من الملاحظات، أهمها:
أ - عدم تحديد المصادر والأسس النظرية والمفاهيم المنهجية توضيحا كافيا.
أ- الانتقائية في التعامل مع النظريات اللسانية الوصفية
ج- السطحية في تداول المفاهيم والمبادئ اللسانية الوصفية.
- عدم تحـديد المصادر والأسس النظرية والمنهجية:
يتحدث الوصفيون عن الوصفية بإطلاق، دون اهتمام بتحديد الإطار النظري الذي تعتمده، وكأن المسألة بذلك الوضوح الذي يبدو في كتاباتهم. فمن » المعروف أن اللسانيات الوصفية أو البنيوية اتجاهات ومدارس متعددة تتفق في أمور وتختلف في أخرى. غير أن الدارسين العرب لا يهتمون بمسألة التحديد المضبوط للإطار النظري الذي يشتغلون فيه ويوظفونه في تعاملهم مع اللغة العربية «(ص:178). هذا ما نلاحظه عند تمام حسان وعبد الرحمان أيوب وريمون طحان... وغيرهم.
- الانتقائية في التعامل مع مبادئ اللسانيات:
إذا كان الوصفيون يتفقون على بعض الأسس النظرية، فإن الاختلاف قائم بينهم حول الكثير من المفاهيم، ويرجع ذلك إلى الاختلاف في بعض جوانب التحليل، فقد ركز البعض على الجانب الشكلي لمستويات التحليل اللغوي، بينما ركز البعض الآخر على الجانب الوظيفي. وقد استتبع هذا الاختلاف اختلافا آخر على مستوى المفاهيم.
- من البساطة في التعامل إلى السطحية:
يتعامل الوصفيون العرب » مع المبادئ البنيوية بكثير من البساطة، حيث لا يتم عرضها بالشكل الذي يقتضيه البحث العلمي من عمق وضبط ودقة. فالكتابة اللسانية العربية الوصفية تتحاشى الدخول في التفاصيل والجزئيات، وكل ما له علاقة بالأمور الصورية المتعلقة بالمفاهيم و المبادئ المستعملة في التحليل اللساني«(ص:184). وهذا ما جعل تحليلاتها عامة تفتقد إلى الدقة المطلوبة.
- المنهج الوصفي واللغة العربية:
تتلخص السمات التي تميز تطبيق المنهج البنيوي على اللغة العربية في النقط التالية:
- التطبيق الجزئي
- بساطة التطبيق
- استمرار حضور التحليل اللغوي القديم
- غياب الوصف بمعناه المنهج الدقيق
- إسقاط عيوب النحو الغربي على النحو العربي.
- التطبيق الجزئي:
تقصر الكتابة الوصفية مجال اهتمامها على بعض القضايا الجزئية، وهذا ما يجعل الجهود موزعة، مما يحول دون تحقيق نتائج، ولذلك فعلى الرغم من » مرور أزيد من نصف قرن على ظهور المنهج البنيوي لا تتوفر اللغة العربية على أي تحليل وصفي شمولي لبنياتها، ولا حتى على التحليل البنيوي المتكامل لأحد مستوياتها (ص:188)«.
- من التبسيط إلى السطحية:
فضلا عن » تعامل الكتابة اللسانية العربية الوصفية مع مبادئ اللسانيات العامة بالتبسيط، اتسم تعاملها مع القضايا العربية–من الناحية الوصفية– بكثير من السطحية بسبب انعدام التحليل الوصفي العميق وعدم التعمق في سبر أغوار بنيات اللغة العربية«(ص:188). وهذا ما تكشف عنه المتابعة الدقيقة لكتابات الوصفيين أمثال أنيس فريحة، وتمام حسان وعبد الرحمان أيوب وريمون طحان...الخ.
- أي تحليل جديد للغة العربية؟
تلجأ الكتابة اللسانية الوصفية » للتراث اللغوي العربي مستلهمة منه جملة من المفاهيم والمصطلحات بل حتى بعض التصورات، لقد ظل التحليل الوصفي للنظام الصرفي العربي محتفظا بالتسميات الموروثة عن الفكر اللغوي القديم مثل"الماضي"و"المضارع" و"الأمر" بالرغم من كثرة الشكوى من المصطلح القديم بسبب دلالته الملبسة وعدم شموليته«(ص:191).
- أي وصف للغة العربية؟
إذا كانت الكتابة الوصفية العربية تتخذ من المنهج الوصفي منطلقا، فإن الملاحظ أنها لم تتقيد بخطوات هذا المنهج، فمن» المعروف أن التحليل الوصفي يبدأ بتحديد ما اصطلح على تسميته بالمتن Corpus باعتباره مادة البحث اللساني. ويتعلق الأمر بجمع النصوص المنطوقة أو المكتوبة أو هما معا، ويشترط فيه نوعا من التجانس والتمثيلية والتحديد الزماني والمكاني للغة الموضوعة للوصف.
إن كتاباتنا الوصفية لا تأخذ بعين الاعتبار هذا الأساس المنهجي الهام في التحليل الوصفي. ما هي المادة اللغوية التي درس اللسانيون العرب؟ ماذا وصفوا؟ إن الكتابة الوصفية العربية تتحدث عن تحليل اللغة العربية، لكنها لا تحدد منهجيا هذه اللغة العربية التي تنطق منها«(ص:194) على هذا الأساس يكون نقد الوصفيين للنحاة واللغويين نقدا غير مبني على أسس نظرية ومنهجية متكاملة.
- الكتابة الوصفية والنحو العربي:
لقد رأى الوصفيون العرب فيما صح من نقد الوصفيين الغربيين للنحو التقليدي قابلا للتطبيق على النحو العربي » غير أن مجمل ما أخذته اللسانيات البنيوية في أوربا وأمريكا على الأنحاء التقليدية الغربية، لا ينطبق بالضرورة على النحو العربي لاختلاف المرجعيتين الفكريتين الثاويتين وراء الممارسة النحوية العربية واللاتينية–الإغريقية.ومهما يكن، فإن نقد الكتابات اللسانية للتراث اللغوي القديم لم يكن متماسكا ولا مقنعا وبصفة عامة لم يكن له أي مردودية نظرية أو منهجية« (ص:198).
إن الهفوات التي سقط فيها الوصفيون العرب في نقدهم للنحو العربي يمكن تلخيصها فيما يلي: » أولا: إنه نقد لم يكن قائما على رؤية منهجية أو نظرية أو شاملة للفكر اللغوي العربي القديم، وإنما يتعلق الأمر بملاحظات متفرقة تحاكي في حالات عديدة ما ورد في الفكر الغربي من نقد للنحو الغربي التقليدي.
ثانيا: إن نقد النحو العربي لم يكن نقدا موضوعيا، بقدر ما كان دفاعا عن المنهج الوصفي ووسيلة لتبرير اللجوء إليه.
ثالثا: وقوف الكتابة اللسانية الوصفية العربية عند حدود النقد، دون أن تتمكن من تقديم نظرية لسانية بديلة للنحو العربي القديم، أو حتى أن تبلور وتنمي الأفكار اللغوية القديمة، نحو ما هو أفضل لدراسة اللغة العربية.
رابعا: إنه نقد"عجز عن دحض الأطروحات التقليدية" بحيث ظلت الأفكار اللغوية القديمة هي السائدة، واستمر الفكر النحوي العربي القديم مصدرا أساسيا لكثير من الكتابات الوصفية العربية التي اعتمدت بوعي أو بدون وعي تصورات القدماء ومصطلحاتهم ومفاهيمهم في أسلوب جديد« (ص:199).
ثانيا- الكتابة التوليدية العربية:
عرض مصطفى غلفان بتفصيل للأطر النظرية التوليدية، والتغيرات التي عرفتها في نظمها الأصلية، ليصل إلى الكشف عن خصوصيات الكتابة التوليدية في الثقافة العربية.
إن المتتبع لمسار الدرس التوليدي في الثقافة العربية يلاحظ أن الكتابة التوليدية العربية قد تمكنت » من تقديم جملة من الاقتراحات الجديدة المتعلقة بطبيعة البنيات العربية صوتا وصرفا وتركيبا ودلالة ومعجما. وجاءت بعض هذه الكتابات مضاهية شكلا ومضمونا لنظيرتها الغربية أمريكية وأوربية من عدة أوجه، في مقدمتها تقيدها المطلق بشروط وقواعد البحث العلمي اللساني و خطابه «(ص:223).
لقد عرفت النماذج التوليدية تطورات متلاحقة، فرضت على كل باحث في إطار البحث اللساني التوليدي مواكبة المستجدات والمتغيرات الطارئة، فقد» أصبحت دراسة اللغة العربية محكومة بجملة من الأصول والمفاهيم النظرية والمنهجية المضبوطة، فبدون معرفة الإطار الذي تندرج فيه هذه الكتابة أو تلك، لا يمكن بأي حال من الأحوال إدراك طبيعة تحليل المقدمة ونتائجها النظرية. فلم يعد ينظر للغة العربية نظرة حرة اعتباطية قائمة على التأمل والانطباع، وإنما تتقيد المقاربة بالإطار النظري للنموذج الذي تشتغل فيه وتحاول تطبيقه على اللغة العربية مستعملة مجموعة من وسائل الاستدلال والبرهنة على ما تقوم به«(ص:223).
لقد كان ذلك دافعا جعل الكتابة التوليدية العربية تحقق مجموعة من الأهداف منها:
- تمكنها من صياغة قواعد للظواهر اللغوية المدروسة تتسم بالبساطة والوضوح والأناقة، على غرار ما هو معروف في النحو التوليدي.
- تقديم قواعد عامة تفسر المعطيات تفسيرا شموليا، وهذا ما نجده في كتابات عبد القادر الفاسي الفهري وداود عبده مثلا. إن مواكبة الكتابة اللسانية التوليدية العربية لمستجدات النظرية التوليدية، جعلها تخضع لتعدد النماذج اللسانية؛ وهو تعدد له إيجابياته.ومن هذه الإيجابيات:
- إثراء البحث اللساني العربي
- تقريب الدرس اللساني العربي من واقع البحث اللساني العالمي
- تعميق المعرفة العلمية باللغة العربية
- إثارة إشكالات جديدة واقتراح الحلول المنهجية الممكنة
- التحليل العميق والشامل للغة العربية
بيد أن هذه الإيجابيات لا تخفي بعض الصعوبات التي مازالت تحد من فعالية الكتابة التوليدية العربية، وهي صعوبات يمكن إجمالها فيما يلي:
- عدم تقديم بحث توليدي متكامل للغة العربية،
- تناولها التجزيئي لقضايا اللغة العربية والخلط بين النماذج اللسانية،
- عدم التدقيق في فرضياتها ومدى ملاءمتها للغة العربية.
وقد تمخض عن هذا الوضع » أن التعامل مع النماذج التوليدية تسم برؤية مرحلية لا تبحث عن المعالجة الشمولية لظواهر اللغة العربية، وإنما عن تقديم أشتات و"منوعات"من التحليل التوليدي الذي ينحصر في الاشتغال بمواد لغوية منتقاة من اللغة العربية أو مترجمة غليها من لغات أجنبية تلائم النموذج المقترح. وتكون الحصيلة وجود فراغات وقفزات في نحو اللغة العربية التوليدي، الذي تظل أجزاؤه تبحث باستمرار عمن يتممها ويملأ هذه الفراغات«(ص:235).
أما فيما يخص الموضوعات والقضايا التي يقترحها التوليديون، فيلاحظ أنهم يكتفون بتقديم اللبنات الأولى، وهي لبنات أشبه ما تكون بتقارير عامة عن برامج العمل التي يرومون البحث فيها مستقبلا. لكنهم سرعان ما يتحولون إلى موضوعات جديدة مطبقين ما ظهر من افتراضات جديدة في البحث اللساني التوليدي دون أن يعودوا–إلا نادرا- لتعميق البحث والتحليل فيما تم وضعه من لبنات أولى والدفع بها نحو صياغة، لا نقول نهائية، ولكن شاملة وعامة تأخذ بعين الاعتبار الظواهر المدروسة في تكاملها.
- إشكالية المعطيات في الكتابة التوليدية العربية:
رأينا آنفا عند حديثنا عن الكتابة اللسانية الوصفية العربية أن منطلقات الوصفيين كانت من محاورتهم للتراث النحوي العربي. غير أن التوليديين رأوا في هذا الشكل من المحاورة اجترارا لأصول ومبادئ النحاة، ولذلك حاول تجاوزه من خلال اقتراح حلول وتصورات أخرى.
لكن السؤال الذي يطرح هنا هو: ما هو الأساس النظري للمعطيات اللغوية في النظرية التوليدية؟
من المعروف أن موضوع اللسانيات التوليدية هو المتكلم المستمع المثالي الذي يعرف لغته جيدا ويعيش في عشيرة لسانية متجانسة كليا.غير أننا إذا» استثنينا موقف الفاسي الفهري في مسألة المعطيات وطبيعتها وما يرتبط بهذا الموضوع الهام من إشكالات، فإن الكتابات التوليدية العربية الأخرى لم تحدد طبيعة هذا المتكلم السامع المثالي، وكأن الأمر لا يطرح أي إشكال بالنسبة إلى اللغة العربية، صحيح أن مفهوم المثالية مفهوم منهجي، ولا علاقة له بالدلالة العادية للكلمة، لكن واقع اللغة العربية استعمالا أو اكتسابا ليس هو واقع الإنجليزية أو الفرنسية أو الألمانية «(ص:238).
ثالثا- الكتابة التداولية الوظيفية العربية:
اهتم الدكتور مصطفى غلفان بتتبع مسيرة اللسانيات الوظيفية، وعرض لمصادرها الأساس، فوجد تلك المصادر موزعة بين المنطق والفلسفة اللغوية وبعض النظريات الحديثة.
ومن خلال عرضه لتلك المصادر والأسس استنتج غياب أي اهتمام حقيقي بالدراسات التداولية العصرية في الثقافة العربية، والمحاولة الوحيدة التي وقف عليها هي محاولة طه عبد الرحمن، وهو أحد المفكرين العرب الأوائل الذين حاولوا التعريف بالفكر التداولي، وتطبيقه في بعض مناحي الثقافة العربية الإسلامية.
فقد اهتم طه عبد الرحمن بالقضايا التداولية من وجهة نظر منطقية وفلسفية مستمدا وسائله النظرية والمنهجية من علمين حققا نتائج باهرة، هما: اللسانيات والمنطق. وهذا ما اكسب هذه النظرية رؤية منهجية ناقدة تنم عن وعي كبير بأهمية المنهج العلمي.
ولقد عرفت اللسانيات الوظيفية تطورات متلاحقة تمثلت في أعمال مدرسة براغ، وأعمال اللسانيين التشيكيين المعروفة بالوجهة الوظيفية للجملة والمدرسة النسقية (لندن)، وهذا ما عرض له الباحث بالدرس والتحليل، كما عرض لمبادئ النحو الوظيفي وبنيته العامة، المتمثلة في البنية الحملية، والبنية الوظيفية، والبنية المكونية، وتبنى هذه البنيات بتطبيق ثلاثة أنواع من القواعد: قواعد الأساس، وقواعد إسناد الوظائف التركيبية والتداولية، وقواعد التعبير.ليصل بعد ذلك إلى نحو اللغة العربية الوظيفي ممثلا له بكتابات المتوكل، التي تنم عن " متابعة" دقيقة لتطورات نظرية النحو الوظيفي الذي وضعه سيمون ديك. كما تتسم كتابات المتوكل بوحدة الرؤية النظرية والمنهجية، المحددة بأصول اللسانيات الوظيفية وتكييفها مع معطيات اللغة العربية، وترتب على هذه الوحدة في الأسس النظرية النظرة الشمولية لظواهر اللغة العربية المدروسة والتكامل فيما بينها. وقد مكنه ذلك من وضع جزء هام من نحو اللغة العربية الوظيفي.
هذه بعض السمات النظرية والمنهجية التي وسمت البحث اللساني العربي، وهي سمات تكشف عن اختلاف وتفاوت واضحين بين اللسانيين العرب؛ فبينما عجزت بعض الكتابات(التمهيدية والتراثية والوصفية) عن تحقيق أهدافها، نجحت كتابات أخرى، إلى حد بعيد، في السمو بالدرس اللساني العربي وتوجيهه وجهة صحيحة تتسم بالدقة والضبط، وهذا ما تعبر عنه كتابات عبد القادر الفاسي الفهري ذات السمة التوليدية، وكتابات أحمد المتوكل ذات التوجه الوظيفي، على سبيل المثال لا الحصر، وقد » تأتى لها ذلك بفضل ما تزودت به من أسس وأصول منهجية واضحة المعالم بشروط النظرية اللسانية العلمية من اشتغال بالمعطيات وتحديد الإطار النظري وصياغة صورية. وكان من النتائج المباشرة لهذه الدراسات، أن تغيرت النظرة إلى اللغة العربية، التي أصبح ينظر إليها، في ضوء الدراسات اللسانية، على أنها لغة طبيعية لا تختلف في شيء عن باقي اللغات العالمية الأخرى. كما لم يعد التجديد في البحث اللساني العربي مقصورا على الباحثين المستعربين، كما كان عليه الأمر في بداية القرن العشرين، بل إن بعض الكتابات (الفاسي الفهري والمتوكل) ساهمت بشكل ملحوظ في إغناء بعض النماذج الغربية نفسها، وبالتالي تبين أن الممارسة اللسانية العربية لم تعد مجرد تطبيق حرفي أعمى كما يدعي البعض ذلك «(ص:282).
بذلك كله يكون الدكتور مصطفى غلفان قد تتبع بالبحث والتحليل والتقويم مختلف اتجاهات البحث اللساني العربي بالكشف عن موضوعاتها ومناهجها وغاياتها. وهي أمور تدخل في عمق التحليل الإبستمولوجي.
إن تحديد موضوع اللسانيات تحديدا دقيقا شكل منطلقا حاسما في تغيير وجهة الدرس اللساني الحديث، إذ إن أول ما قام به سوسير هو تحديد موضوع اللسانيات، بحصر ما يدخل في طبيعة الممارسة اللسانية، وما ينأى عنها ليتاخم ممارسات أخرى. وبذلك حدد للسانيات أسسها وموضوعها وجهازها المفاهيمي حتى تتميز عن غيرها من الممارسات المحاقلة لها، يقول سوسير: » إن مهمة اللسانيات تتجلى في:أ.....ب.....ج: تحديد موضوعها وتعريف نفسها بنفسها «[45]. كذلك فعل تشومسكي عندما حدد موضوع الدرس التوليدي في الاهتمام بالنحو عوض الاهتمام باللغة.
وعلى هذا الأساس فقد أصبحت اللسانيات مع سوسير وبعده تشومسكي ممارسة صامتة للإبستمولوجيا من داخل اللسانيات، وهو ما يدخل في إطار تقليد علمي يقوم على تفكير تأملي في العلم وتنظيم داخلي للأسس بمراجعة مستمرة لمبادئه وأدواته المعرفية.
والواقع أنه على الرغم من أهمية تحديد الموضوع؛ فإن بعض اتجاهات البحث اللساني العربي لم تول اهتماما لهذا الجانب، وذلك ما حذا بمصطفى غلفان إلى إيلاء هذا الجانب ما يستحق من أهمية، واختبار مدى كفاية الاتجاهات اللسانية، بل وتصنيفها، اعتمادا على هذا المعيار.
أما من جهة المنهج فإنه لا ينفصل عن الموضوع، إذ إن» هناك ضرورة منطقية تجبر صنفا لسانيا على استخدام منهج مخصوص وهو يتناول بالدراسة الموضوع الذي ارتضاه«[46]. من هذا المنطلق ربط الباحث بين اتجاهات البحث اللساني العربي وبين مناهجها، فكان عمله بذلك في صميم البحث الإبستمولوجي، مادمنا نجد » عند الباحثين الإبستمولوجيين والمهتمين بمناهج العلوم، القول بأن"طبيعة الموضوع هي التي تحدد المنهج"، وإذن فالخطوة الأولى في كل بحث علمي هي تحديد الموضوع والتعرف على طبيعته«[47]
علاوة على ما ذكرنا اهتم مصطفى غلفان بالأصول الإبسمولوجية للنظريات اللسانية العربية مما مكن من ترتيبها في سياقاتها المرجعية، وفي ظل الشروط المعرفية والتاريخية التي أفرزتها. وبذلك يتجاوز التأصيل الملاحظات العارضة إلى النبش والحفر ومتاخمة الابستيمي، وهو ما يمكن من ملء الثغرات في الاتجاهات اللسانية العربية، وهذا لا يختلف في شيء عن تقاليد إبستمولوجية مترسخة في الغرب، تجد أبرز معالمها عند جوليا كريستيفا من خلال محاولتها الرامية الكشف عن مجموعة من الشروط الواقعية والذاتية والداخلية للإنتاجات النوعية للمفاهيم والنظريات العلمية[48]. ونظير ذلك نجده عند غلفان الذي اهتم بالشروط التاريخية للبحث اللساني العربي وهذا ما مكنه من التمييز بين خطاب لغوي نهضوي وخطاب لساني عربي حديث. واهتمامه كذلك بالشروط السوسيولوجية من خلال التمييز بين العوائق الذاتية والعوائق الموضوعية.
من القضايا الأساسية التي استأثرت باهتمام الباحث أيضا: المفاهيم المتداولة في اتجاهات البحث اللساني العربي، حيث لاحظ أن تلك المفاهيم تستعمل دون مراعاة لسياقاتها المرجعية؛ إذ » إن ما تعتبره القراءة اللسانية مفاهيم بسيطة مثل مفهوم العامل ومفهوم الحالة ومفهوم البنية العميقة والبنية السطحية ومفهوم التحويل وغيرها من مفاهيم التوليدية هي في العمق غير ذلك. إن المفاهيم اللسانية الحديثة ترتبط في جوهرها بمبادئ منهجية على جانب كبير من التعقيد النظري باعتبارها جزءا من شبكة من الإشكالات المتداخلة «[49].
إن الاهتمام بالمفاهيم وبطريقة تشكلها تبقى خطوة أساسية في كل ممارسة إبستمولوجية، ونستحضر في هذا الصدد بعض المحاولات الدالة في تاريخ اللسانيات، فقد اهتم بارت في كتابه"إمبراطورية العلامات" بالأصول المعرفية للمفاهيم السوسيرية: كالدليل، والاعتباطية، والنسق، والنظام.... ، ويعيد اعتمادا على ذلك، قراءة السياق المعرفي برمته للعصر الذي أنتج فيه سوسير أفكاره. كذلك فعل فوكو، وجان كلود شوفالييه الذي تتبع بناء المفاهيم النحوية خلال القرن السابع عشر والقرن الثامن عشر[50]
من هذا المنطلق فإن ابستمولوجيا اللسانيات يجب أن تهتم بالكشف عن الأصول المعرفية المختلفة للمفاهيم الواصفة، إذ الملاحظ أن الكثير من تلك المفاهيم تستعمل في كثير من الأحيان بعيدا عن سياقاتها المرجعية.
تلكم بعض الجوانب من نقد مصطفى غلفان للمصادر والأسس النظرية والمنهجية في اللسانيات العربية الحديثة، وإذا كان كل بحث يقيم بمصادره باعتبارها الأصول والمبادئ المنهجية التي يرتكز عليها اتجاه لساني معين، أو التي يعتمدها باحث معين في دراسة موضوع محدد، فإن مصادر الكتاب تكشف عن اطلاع واسع ودراية عميقة بمحتوى الكتابات التي تشكل مرجعا أساسا للبحوث الإبستمولوجية المعاصرة ونمثل لذلك بـ:بوبر(Popper)[51]وألمو(Ullmo)[52]، وباشلار(Bachelard)[53]، وكانغليم[54] وفيتغنشتاين(wittegenstein)[55] وغيرهم، كما يقيم المؤلف المصادر اللسانية بالرجوع إلى ينابيعها وأصولها بإحالته على تشومسكي (Chomsky)[56] وروس (Ross) [57]وفيلمور(Fillmore)[58] وكروس (Gross)[59] وماكفلي (McCawley)[60] وباخ (E.Bach)[61] ولايكوف (Lakof)[62] في إطار النحو التوليدي و الدلالة التوليدية.
أما في إطــار اللسانيات الوظيفة فنجد إحالات على:فريـج(Frège)[63]وراسل(Russel)[64] وكارناب(Carnap)[65]وتارسكي(Tarski)[66]وشارلموريس(Ch.Morris)[67]وأوسـتين Austine)[68]وهاليداي (Halliday) [69] وديك(Dick)[70]... وغيرهم. والواضح من خلال هذه المصادر أن المؤلف استطاع أن يقدم تقييما داخليا للسانيات العربية الحديثة، يقوم على توضيح مصادرها الأساس والعناية بقضاياها ذات المردودية المنهجية، مثل طبيعة المعطيات المعتمدة في التحليل اللساني وعلاقتها بالتقعيد وتحديد الإطار النظري[71].وبكل ذلك يبقى الكتاب من المحاولات التأسيسية لابستمولوجا لسانية عربية حديثة.
إن ترسيخ وعي نقدي في اللسانيات العربية يستلزم بالضرورة الوعي بأهميته ودوره في تصحيح مسار اللسانيات في الثقافة العربية، وهذا ما نجد بعض بوادره في المحاولات السابقة، غير أن تلك المحاولات، على أهميتها، تبقى محدودة؛ بالنظر إلى مجموعة من الصعوبات، لعل أهمها:
- سلطة الرقيب: التي تؤمن بالقداسة الفكرية والمشيخة، وتقضي على كل حوار علمي جاد وبناء[72].
- المجاملة: مجاملةُ المؤلف لصداقة بينه وبين المراجِع أو تغلب عليها القسوة لسبب من الأسباب غير العلمية. وكثيرًا ما تمر الكتب دون مراجعة بسبب المقايضة: أي أن (أ) يتغاضى عن المآخذ التي توجد في الكتاب الذي ألفه (ب) لكي يتغاضى (ب) بالمثل، عما يوجد في كتاب (أ) من المآخذ[73].
- عدم القبول بالاختلاف: فكثيرا، ما تتحول اللسانيات إلى تلاسن، لحسابات بعيدة كليا عن اللسانيات. – الاعتبارات القطرية الضيقة: وهي اعتبارات تحد الثقافة العربية بحدود جغرافية ضيقة، فينجم عن ذلك بعض الحسابات التي لا يفهمها إلا أصحابها .
- عزوف اللسانيين عن متابعة ما يكتب في مجال تخصصهم، وكأنهم غير معنيين به...
إن وضعا من هذا القبيل يوجب تضافر الجهود للنهوض بمستوى اللسانيات في الثقافة العربية، وتقويمها نظريا ومنهجيا حتى لا يبقى البحث اللساني في ثقافتنا ضربا من الأهواء، وحتى لا تبقى اللسانيات العربية لسانيات صامتة بتعبير المزيني.
هوامش وإحالات:
[1] - محمد وهابي، فقه اللسانيات: أسئلة التأسيس. جريدة العلم الثقافي. السبت 5 يونيو 1999: 9.
[2] - نفسه: 9.
[3] - محمد عابد الجابري، مدخل إلى فلسفة العلوم.الجزء 1، تطور الفكر الرياضي والعقلانية المعاصرة. مطبعة دار النشر المغربية: 13.
[4]- André Lalande, Vocabulaire technique et critique de la philosophie, 9° éd, voir Epistémologie
(نقلا عن وقيدي: ما هي الإبستمولوجيا ؟ مكتبة المعارف الرباط. ط2. 1987: 8.)
[5] - عبد السلام بن عبد العالي وسالم يفوت: درس الإبستمولوجيا. دار توبقال للنشر. الدار البيضاء
[6] - نشير إلى أننا اعتمدنا في صياغة هذه التعريفات المراجع التالية:
- محمد عابد الجابري: مدخل إلى فلسفة العلوم.
- عبد السلام بن عبد العالي وسالم يفوت: درس الإبستمولوجيا.
- محمد وقيدي: ما هي الإبستمولوجيا؟
- منهج و تقنيات البحث العلمي: مقاربة إبستمولوجية. منشورات عالم التربية.
J.Kristeva .Les épistémologies de la linguistique. Langages,n-24,1971.
J. Piaget:- Logique et connaissance. Gallimard. Paris. 1969.
Introduction à l’épistémologie génetique.T1.Paris 1973.
R.Blanché. L’épistémologie..PUF.Paris. 1955.
[7] - P.Boutroux: L’idéal scientifique des mathématiques.PUF.Paris نقلا عن محمد عابد الجابري: مدخل إلى فلسفة:1/47
[8] - محمد عابد الجابري: مدخل إلى فلسفة العلوم:1/ 58ـ59
[9] - J.Kristeva.Les épistémologies de la linguistique.p:4.
[10] - Ibid P:4
[11] - Ibid P:4
[12] - L. Mayet:Invitation à l’épistémologie.in Hors-série.Sciences et avenir. Décembre -Janvier.2003.p:3.
[13] - L. Mayet:Invitation à l’ épistémologie.p:3
[14] - محمد عابد الجابري، مدخل إلى فلسفة العلوم:1/58
[15]- مبروك سعيد عبد الوارث: في إصلاح النحو العربي دراسة نقدية. دار القلم الكويت.1985:173
[16]- الزين عبد الفتاح: قضايا لغوية في ضوء الألسنية، الشركة العامة للكتاب. الطبعة الأولى.1987: 5.
[17] - نفسه: 11
[18] - من العبارات التي تكشف عن ذلك النعوت التي يلحقها بعض اللسانيين بكتابات بعضهم: اللسانيات السريعة، لسانيات هبل، لسانيات الاشرئباب إلى المناصب... و قد آثرنا تجنب ذكر الواصف والموصوف درءا لتفشي مثل هذه اللسانيات في ثقافتنا اللسانية، و نظرا إلى ما يمكن أن يثيره الموضوع من حساسيات نحن في غنى عنها.
[19] - سعد مصلوح: دراسات نقدية في اللسانيات العربية المعاصرة، عالم الكتب.الطبعة الأولى. 141/ 1989:275.
[20] - نفسه: 275- 276.
[21] - أحمد مختار عمر:دراسة الصوت العربي. عالم الكتب.القاهرة.1987: 102.
[22] - لمعرفة هذا الاتجاه وخصوصياته يمكن الرجوع إلى مقالنا: اللسانيات في الثقافة العربية وإشكالات التلقي (اللسانيات التمهيدية نموذجا) مجلة فكر ونقد العدد 58/2004.
[23] - الحناش محمد: البحث اللساني بين العمق و العقم " سفر التهافت". مجلة دراسات أدبية ولسانية. العدد4.صيف/ خريف 1986: 113- 142
[24] -نفسه:116
[25] - علي حرب: الماهية والعلاقة نحو منطق تحويلي. المركز الثقافي العربي. ط1. 1998: 105- 108.
[26] - علي حرب: أصنام النظرية وأطياف الحرية: (نقد بورديو و تشومسكي).المركز الثقافي العربي. ط1. 2001: 70- 94.
[27] - وقفنا في الكتاب الأول على جملة من الملاحظات المغلوطة وسنسعى إلى تخصيص دراسة مستقلة لها بحول الله.
[28] - نقف على هذا النقد في محاضرة معنونة بـ " النظريات اللغوية المعاصرة وموقفها من اللغة العربية ألقيت بالنادي الأدبي في جدة 24/ 02/1408. وهي محاضرة تتناقض كليا مع ما ذهب إليه في المحاضرة التي ألقاها في الرباط: " النحو العربي واللسانيات المعاصرة"، منشورة ضمن أعمال البحث اللساني والسيميائي منشورات كلية الآداب الرباط.1984.
[29] - المصري عبد الفتاح: التفكير اللساني في الحضارة العربية. مجلة الموقف الأدبي. العددان 135/136 تموز / آب 1982: 233.
[30] - نفسه: 266.
[31] - بخصوص هذا المفهوم ينظر كتاب.Durand ,La systematique, PUF, Paris, 1979
[32] - رياض قاسم: البحث اللغوي الحديث في العالم العربي، مؤسسة نوفل.بيروت. الطبعة الأولى.1982: 14
[33] - عبد القادر الفاسي الفهري: اللسانيات واللغة العربية، دار توبقال للنشر. الدار البيضاء. الطبعة الثالثة. 1993.
: 1/ 35.
[34] - نفسه:36.
[35] - من بين أهم الترجمات التي أصدرها المزيني يمكن أن نشير على سبيل التمثيل لا الحصر إلى ما يلي:
+ ترجمة كتابي اللساني الأمريكي نعوم تشومسكي: language and the problems of knowledge,1988
اللغة ومشكلات المعرفة، دار توبقال، المغرب 1990م.
+ New Horizons in the study of language and Mind,2000.آفاق جديدة في دراسة اللغة والذهن. المجلس الأعلى للثقافة مصر.
+ ترجمة كتاب اللساني الأمريكي ستيفن بنكر: The language intinct : How mind creates language,1994 بعنوان: غريزة اللغة: كيف يبدع العقل اللغة. نشرته دار المريخ في الرياض،2000.
+ ترجمة كتاب ديفيد جستس The Semantics of from in Arabic, In The Mirror of European languaged,1987. محاسن العربية في المرآة الغربية أو دلالة الشكل في العربية في ضوء اللغات الأوروبية.
[36] - حمزة بن قبلان المزيني، مراجعات لسانية، الجزء الأول، كتاب الرياض رقم79، يونيو 2000. مقدمة الطبعة الثانية. يعتبر الكتاب من المراجعات النقدية القليلة في الثقافة العربية الجديرة بالقراءة.
[37] -.نفسه، مقدمة الطبعة الثانية
[38] - نفسه، مقدمة الطبعة الأولى
[39] - للاطلاع على بعض جوانب النقد عند العلوي ينظر، على سبيل المثال كتابه: الطبيعة والتمثال. الشركة المغربية للناشرين المتحدين. الرباط. 1988.
[40] عز الدين المجدوب، المنوال النحوي العربي، قراءة لسانية جديدة. كلية الآداب– سوسة. دار محمد علي الحامي.الطبعة الأولى. 1998 :6.
[41] - مصطفى غلفان: اللسانيات العربية الحديثة:دراسة نقدية في المصادر والأسس النظرية والمنهجية.جامعة الحسن الثاني- عين اشق كلية الآداب والعلوم الإنسانية. سلسلة رسائل وأطروحات.رقم 4: 56.
[42] - مصطفى غلفان: اللسانيات العربية الحديثة: 9.
[43] - نفسه:9( وتفاديا للتكرار نحيل بالأرقام الواردة في نهاية النصوص على صفحات الكتاب)
[44] - نفسه:57.
[45] - F.D. Saussure.Cours de linguistique generale.Payot. Paris .1960.p :20
[46] - محمد الأوراغي، الكليات والوسائط، (في جزءين) منشورات دار الأمان، الطبعة الأولى 1421هـ/2001 :41
[47] - محمد عابد الجابري، التراث ومشكل المنهج. ضمن كتاب المنهجية في الأدب والعلوم الإنسانية:71.
[48] - J. Kristeva, Les épistémologies de la linguistique.P.2-13
[49] - مصطفى غلفان، اللسانيات العربية الحديثة:150
[50] - J kristeva, Les épistémologies de la linguistique.P.5
[51] - نفسه:147هامش 48، ص:151 هامش 61 – 62 – 63.
[52] - نفسه: 149 هامش 54- 55، ص:151 هامش64،ص: 152هامش 65.
[53] - نفسه: 150 هامش 56، ص:152 هامش67
[54] - نفسه: 152 هامش 68، ص:164 هامش 91.
[55] - نفسه: 247 هامش 11.
[56] - نفسه: 247 هامش 11.
[57] - نفسه: 214 هامش 22.
[58] - نفسه:216 هامش 27، ص: 218 هامش 29.
[59] - نفسه: 239 هامش 67.
[60] - نفسه: 210 هامش 16.
[61] - نفسه: 210 هامش 16.
[62] - نفسه: 210 هامش 16.
[63] - نفسه: 246 هامش 8.
[64] - نفسه: 246 هامش 8.
[65] - نفسه: 246 هامش 8.
[66] - نفسه: 246 هامش 8.
[67] - نفسه: 246 هامش 9.
[68] - نفسه:246 هامش 10، ص: 247 هامش 12. ص: 248 هامش 13.
[69] - نفسه:256 هامش 24، ص: 257 هامش 25. وهامش 26.
[70] - نفسه: 259هامش 29، ص: 259 هامش 30. ص: هامش 33.
[71] - نفسه: 279.
[72] - أورد الدكتور حمزة بن قبلان المزيني في مقدمة كتابه مراجعات لسانية نصا جاء فيه: « فقد كتب الأستاذ رئيس النادي الأدبي في تقديمه للكتاب (ص7) أنه "...حينما يتبنى النادي طباعة هذا الكتاب فليس معنى ذلك أنه يقر الاتهام الموجه إلى الدكتور رمضان عبد التواب وهو علم بارز من أعلام وأساطين اللغة العربية الأكفاء. فللدكتور رمضان من علمه ومكانته المعروفة ما يشفع له في مواجهة هذه التهمة. . .". وقوله (ص8): "إن قيام النادي الأدبي بنشر هذا الكتاب ليس من باب تأييد الاتهامات بين بعض الكتاب وبعض...(مقدمة الطبعة الثانية من الكتاب)
[73] - نفسه، مقدمة الطبعة الأولى.
- حدود لسانيات التراث:
إن الهدف، هنا، هو الكشف عن بعض القضايا النظرية والمنهجية العامة التي تثيرها لسانيات التراث، والكشف عن النتائج المترتبة على ذلك. فالقراءة في هذا النمط من اللسانيات تطرح إشكالات كثيرة منها جملة من القضايا الفكرية تبقى أهمها إشكالية" هوية" التراث اللغوي وعلاقته بالنظريات اللسانية وتنوعها، فـ» إذا تناولنا مثلا المستوى النحوي لهذا التراث اللغوي، فإننا نعرف أنه يشكل منظومة مرجعية خاصة بالثقافة العربية الإسلامية القديمة. إنه نسق فكري وضع في فترة تاريخية محددة نتيجة عوامل معينة، وقام على أسس فكرية معينة باعتباره جزءا من بنية ثقافية عامة، هي الثقافة العربية بمختلف مكوناتها الحضارية ( فكرية واجتماعية ودينية وسياسية ) غير أن تعدد القراءات يفقد التراث اللغوي العربي "خصوصيته"الحضارية، وذلك عندما نجعله قابلا لأن يصاغ حاضرا ومستقبلا في أي نظرية لسانية ممكنة اليوم وغدا. ما تنتهي إليه القراءة أنه كلما ظهرت نظرية لسانية جديدة فإن النحو العربي يكون قادرا على احتوائها «(ص:157).
فهل من المعقول أن يكون النحو العربي بنيويا وتوليديا ووظيفيا في أسسه النظرية والمنهجية؟ إن هذا غير ممكن إطلاقا وكل توجه من هذا القبيل يوقعنا في »مفارقة منهجية ومغالطة إبستمولوجية. إن ما يكون بنيويا تصنيفيا لا يمكنه أن يكون، في الوقت ذاته، توليديا تحويليا نظرا لاختلاف الأسس النظرية والمنهجية بين التصورين «(ص:158).
- حول مقولة تجانس التراث:
إذا كنا نتحدث عن النحو العربي بهذا الإطلاق، فإن ذلك لا يسوغ اعتبار هذا النحو مدونة متجانسة، لأننا عندما نعتبره كذلك نسمح لأنفسنا » باستنتاج أمور لا تتفق وحقيقة الظاهرة المدروسة.إن التجانس التي تضفيه القراءة على التراث يلغي التناقض الذي يزخر به هذا التراث عبر مساره الطويل «(ص:161).
إلى جانب التجانس تعتمد المقارنة بين اللغويات واللسانيات على مظاهر التشابه، لكن» ما هو هذا التشابه الذي يمكن أن يتمظهر في نمطين من التفكير لكل منهما شروطه الموضوعية والذاتية التي أفرزته وخصائصه التاريخية التي وجهته« (ص:162).
إن هذا التشابه والتجانس يلغيان الخصوصيات التي تميز كل ثقافة سواء أتعلق الأمر بالثقافة العربية الإسلامية أم بالثقافة اللسانية... وهذا ما لم يعه لسانيو التراث.
- الأبعاد الحضارية للقراءة:
إن اللجوء إلى قراءة الفكر اللغوي العربي القديم، يفرض علينا أن نميز بين موقين:»-موقف حضاري: تكون القراءة فيه، فعلا، وسيلة تكفل لنا التعرف على ذواتنا حضاريا، وتسمح لنا بإبراز خصوصياتنا أمام تحديات العصر المتعددة، وفي هذا الاتجاه تعتبر القراءة وسيلة ناجعة للتعريف بالتراث اللغوي العربي، لا باعتباره جزءا من تاريخ الفكر العربي فحسب، وإنما باعتباره أيضا محطة تاريخية في مسار الفكر اللغوي الإنساني لا يمكن تجاهلها.
- موقف علمي: حيث ينبغي أن ينظر إلى التراث على أنه نتاج معرفي، محدد بإطار تاريخي وثقافي، يوضح مصادره الفكرية، ويرسم الخطوات والمراحل التي اتبعها لتحقيق جملة من الأهداف الفكرية والاجتماعية والسياسية، يقتضي منا أن ننظر إلى التراث اللغوي العربي باعتباره نتاج مرحلة من مراحل الفكر الإنساني التي تفاعلت مع مراحل أخرى «(ص:164). وعليه وجب التفريق بين طبيعة العمل اللساني باعتباره ممارسة وبين البحث اللغوي بصفته مساهمة حضارية.
ثالثا- لسانيات العربية:
ميز مصطفى غلفان في لسانيات العربية بين ثلاثة اتجاهات أساسية:اتجاه بنيوي وصفي، واتجاه توليدي تحويلي، واتجاه تداولي وظيفي.
أولا: الكتابة العربية الوصفية:
وقف الباحث في كتابات الوصفيين على جملة من الملاحظات، أهمها:
أ - عدم تحديد المصادر والأسس النظرية والمفاهيم المنهجية توضيحا كافيا.
أ- الانتقائية في التعامل مع النظريات اللسانية الوصفية
ج- السطحية في تداول المفاهيم والمبادئ اللسانية الوصفية.
- عدم تحـديد المصادر والأسس النظرية والمنهجية:
يتحدث الوصفيون عن الوصفية بإطلاق، دون اهتمام بتحديد الإطار النظري الذي تعتمده، وكأن المسألة بذلك الوضوح الذي يبدو في كتاباتهم. فمن » المعروف أن اللسانيات الوصفية أو البنيوية اتجاهات ومدارس متعددة تتفق في أمور وتختلف في أخرى. غير أن الدارسين العرب لا يهتمون بمسألة التحديد المضبوط للإطار النظري الذي يشتغلون فيه ويوظفونه في تعاملهم مع اللغة العربية «(ص:178). هذا ما نلاحظه عند تمام حسان وعبد الرحمان أيوب وريمون طحان... وغيرهم.
- الانتقائية في التعامل مع مبادئ اللسانيات:
إذا كان الوصفيون يتفقون على بعض الأسس النظرية، فإن الاختلاف قائم بينهم حول الكثير من المفاهيم، ويرجع ذلك إلى الاختلاف في بعض جوانب التحليل، فقد ركز البعض على الجانب الشكلي لمستويات التحليل اللغوي، بينما ركز البعض الآخر على الجانب الوظيفي. وقد استتبع هذا الاختلاف اختلافا آخر على مستوى المفاهيم.
- من البساطة في التعامل إلى السطحية:
يتعامل الوصفيون العرب » مع المبادئ البنيوية بكثير من البساطة، حيث لا يتم عرضها بالشكل الذي يقتضيه البحث العلمي من عمق وضبط ودقة. فالكتابة اللسانية العربية الوصفية تتحاشى الدخول في التفاصيل والجزئيات، وكل ما له علاقة بالأمور الصورية المتعلقة بالمفاهيم و المبادئ المستعملة في التحليل اللساني«(ص:184). وهذا ما جعل تحليلاتها عامة تفتقد إلى الدقة المطلوبة.
- المنهج الوصفي واللغة العربية:
تتلخص السمات التي تميز تطبيق المنهج البنيوي على اللغة العربية في النقط التالية:
- التطبيق الجزئي
- بساطة التطبيق
- استمرار حضور التحليل اللغوي القديم
- غياب الوصف بمعناه المنهج الدقيق
- إسقاط عيوب النحو الغربي على النحو العربي.
- التطبيق الجزئي:
تقصر الكتابة الوصفية مجال اهتمامها على بعض القضايا الجزئية، وهذا ما يجعل الجهود موزعة، مما يحول دون تحقيق نتائج، ولذلك فعلى الرغم من » مرور أزيد من نصف قرن على ظهور المنهج البنيوي لا تتوفر اللغة العربية على أي تحليل وصفي شمولي لبنياتها، ولا حتى على التحليل البنيوي المتكامل لأحد مستوياتها (ص:188)«.
- من التبسيط إلى السطحية:
فضلا عن » تعامل الكتابة اللسانية العربية الوصفية مع مبادئ اللسانيات العامة بالتبسيط، اتسم تعاملها مع القضايا العربية–من الناحية الوصفية– بكثير من السطحية بسبب انعدام التحليل الوصفي العميق وعدم التعمق في سبر أغوار بنيات اللغة العربية«(ص:188). وهذا ما تكشف عنه المتابعة الدقيقة لكتابات الوصفيين أمثال أنيس فريحة، وتمام حسان وعبد الرحمان أيوب وريمون طحان...الخ.
- أي تحليل جديد للغة العربية؟
تلجأ الكتابة اللسانية الوصفية » للتراث اللغوي العربي مستلهمة منه جملة من المفاهيم والمصطلحات بل حتى بعض التصورات، لقد ظل التحليل الوصفي للنظام الصرفي العربي محتفظا بالتسميات الموروثة عن الفكر اللغوي القديم مثل"الماضي"و"المضارع" و"الأمر" بالرغم من كثرة الشكوى من المصطلح القديم بسبب دلالته الملبسة وعدم شموليته«(ص:191).
- أي وصف للغة العربية؟
إذا كانت الكتابة الوصفية العربية تتخذ من المنهج الوصفي منطلقا، فإن الملاحظ أنها لم تتقيد بخطوات هذا المنهج، فمن» المعروف أن التحليل الوصفي يبدأ بتحديد ما اصطلح على تسميته بالمتن Corpus باعتباره مادة البحث اللساني. ويتعلق الأمر بجمع النصوص المنطوقة أو المكتوبة أو هما معا، ويشترط فيه نوعا من التجانس والتمثيلية والتحديد الزماني والمكاني للغة الموضوعة للوصف.
إن كتاباتنا الوصفية لا تأخذ بعين الاعتبار هذا الأساس المنهجي الهام في التحليل الوصفي. ما هي المادة اللغوية التي درس اللسانيون العرب؟ ماذا وصفوا؟ إن الكتابة الوصفية العربية تتحدث عن تحليل اللغة العربية، لكنها لا تحدد منهجيا هذه اللغة العربية التي تنطق منها«(ص:194) على هذا الأساس يكون نقد الوصفيين للنحاة واللغويين نقدا غير مبني على أسس نظرية ومنهجية متكاملة.
- الكتابة الوصفية والنحو العربي:
لقد رأى الوصفيون العرب فيما صح من نقد الوصفيين الغربيين للنحو التقليدي قابلا للتطبيق على النحو العربي » غير أن مجمل ما أخذته اللسانيات البنيوية في أوربا وأمريكا على الأنحاء التقليدية الغربية، لا ينطبق بالضرورة على النحو العربي لاختلاف المرجعيتين الفكريتين الثاويتين وراء الممارسة النحوية العربية واللاتينية–الإغريقية.ومهما يكن، فإن نقد الكتابات اللسانية للتراث اللغوي القديم لم يكن متماسكا ولا مقنعا وبصفة عامة لم يكن له أي مردودية نظرية أو منهجية« (ص:198).
إن الهفوات التي سقط فيها الوصفيون العرب في نقدهم للنحو العربي يمكن تلخيصها فيما يلي: » أولا: إنه نقد لم يكن قائما على رؤية منهجية أو نظرية أو شاملة للفكر اللغوي العربي القديم، وإنما يتعلق الأمر بملاحظات متفرقة تحاكي في حالات عديدة ما ورد في الفكر الغربي من نقد للنحو الغربي التقليدي.
ثانيا: إن نقد النحو العربي لم يكن نقدا موضوعيا، بقدر ما كان دفاعا عن المنهج الوصفي ووسيلة لتبرير اللجوء إليه.
ثالثا: وقوف الكتابة اللسانية الوصفية العربية عند حدود النقد، دون أن تتمكن من تقديم نظرية لسانية بديلة للنحو العربي القديم، أو حتى أن تبلور وتنمي الأفكار اللغوية القديمة، نحو ما هو أفضل لدراسة اللغة العربية.
رابعا: إنه نقد"عجز عن دحض الأطروحات التقليدية" بحيث ظلت الأفكار اللغوية القديمة هي السائدة، واستمر الفكر النحوي العربي القديم مصدرا أساسيا لكثير من الكتابات الوصفية العربية التي اعتمدت بوعي أو بدون وعي تصورات القدماء ومصطلحاتهم ومفاهيمهم في أسلوب جديد« (ص:199).
ثانيا- الكتابة التوليدية العربية:
عرض مصطفى غلفان بتفصيل للأطر النظرية التوليدية، والتغيرات التي عرفتها في نظمها الأصلية، ليصل إلى الكشف عن خصوصيات الكتابة التوليدية في الثقافة العربية.
إن المتتبع لمسار الدرس التوليدي في الثقافة العربية يلاحظ أن الكتابة التوليدية العربية قد تمكنت » من تقديم جملة من الاقتراحات الجديدة المتعلقة بطبيعة البنيات العربية صوتا وصرفا وتركيبا ودلالة ومعجما. وجاءت بعض هذه الكتابات مضاهية شكلا ومضمونا لنظيرتها الغربية أمريكية وأوربية من عدة أوجه، في مقدمتها تقيدها المطلق بشروط وقواعد البحث العلمي اللساني و خطابه «(ص:223).
لقد عرفت النماذج التوليدية تطورات متلاحقة، فرضت على كل باحث في إطار البحث اللساني التوليدي مواكبة المستجدات والمتغيرات الطارئة، فقد» أصبحت دراسة اللغة العربية محكومة بجملة من الأصول والمفاهيم النظرية والمنهجية المضبوطة، فبدون معرفة الإطار الذي تندرج فيه هذه الكتابة أو تلك، لا يمكن بأي حال من الأحوال إدراك طبيعة تحليل المقدمة ونتائجها النظرية. فلم يعد ينظر للغة العربية نظرة حرة اعتباطية قائمة على التأمل والانطباع، وإنما تتقيد المقاربة بالإطار النظري للنموذج الذي تشتغل فيه وتحاول تطبيقه على اللغة العربية مستعملة مجموعة من وسائل الاستدلال والبرهنة على ما تقوم به«(ص:223).
لقد كان ذلك دافعا جعل الكتابة التوليدية العربية تحقق مجموعة من الأهداف منها:
- تمكنها من صياغة قواعد للظواهر اللغوية المدروسة تتسم بالبساطة والوضوح والأناقة، على غرار ما هو معروف في النحو التوليدي.
- تقديم قواعد عامة تفسر المعطيات تفسيرا شموليا، وهذا ما نجده في كتابات عبد القادر الفاسي الفهري وداود عبده مثلا. إن مواكبة الكتابة اللسانية التوليدية العربية لمستجدات النظرية التوليدية، جعلها تخضع لتعدد النماذج اللسانية؛ وهو تعدد له إيجابياته.ومن هذه الإيجابيات:
- إثراء البحث اللساني العربي
- تقريب الدرس اللساني العربي من واقع البحث اللساني العالمي
- تعميق المعرفة العلمية باللغة العربية
- إثارة إشكالات جديدة واقتراح الحلول المنهجية الممكنة
- التحليل العميق والشامل للغة العربية
بيد أن هذه الإيجابيات لا تخفي بعض الصعوبات التي مازالت تحد من فعالية الكتابة التوليدية العربية، وهي صعوبات يمكن إجمالها فيما يلي:
- عدم تقديم بحث توليدي متكامل للغة العربية،
- تناولها التجزيئي لقضايا اللغة العربية والخلط بين النماذج اللسانية،
- عدم التدقيق في فرضياتها ومدى ملاءمتها للغة العربية.
وقد تمخض عن هذا الوضع » أن التعامل مع النماذج التوليدية تسم برؤية مرحلية لا تبحث عن المعالجة الشمولية لظواهر اللغة العربية، وإنما عن تقديم أشتات و"منوعات"من التحليل التوليدي الذي ينحصر في الاشتغال بمواد لغوية منتقاة من اللغة العربية أو مترجمة غليها من لغات أجنبية تلائم النموذج المقترح. وتكون الحصيلة وجود فراغات وقفزات في نحو اللغة العربية التوليدي، الذي تظل أجزاؤه تبحث باستمرار عمن يتممها ويملأ هذه الفراغات«(ص:235).
أما فيما يخص الموضوعات والقضايا التي يقترحها التوليديون، فيلاحظ أنهم يكتفون بتقديم اللبنات الأولى، وهي لبنات أشبه ما تكون بتقارير عامة عن برامج العمل التي يرومون البحث فيها مستقبلا. لكنهم سرعان ما يتحولون إلى موضوعات جديدة مطبقين ما ظهر من افتراضات جديدة في البحث اللساني التوليدي دون أن يعودوا–إلا نادرا- لتعميق البحث والتحليل فيما تم وضعه من لبنات أولى والدفع بها نحو صياغة، لا نقول نهائية، ولكن شاملة وعامة تأخذ بعين الاعتبار الظواهر المدروسة في تكاملها.
- إشكالية المعطيات في الكتابة التوليدية العربية:
رأينا آنفا عند حديثنا عن الكتابة اللسانية الوصفية العربية أن منطلقات الوصفيين كانت من محاورتهم للتراث النحوي العربي. غير أن التوليديين رأوا في هذا الشكل من المحاورة اجترارا لأصول ومبادئ النحاة، ولذلك حاول تجاوزه من خلال اقتراح حلول وتصورات أخرى.
لكن السؤال الذي يطرح هنا هو: ما هو الأساس النظري للمعطيات اللغوية في النظرية التوليدية؟
من المعروف أن موضوع اللسانيات التوليدية هو المتكلم المستمع المثالي الذي يعرف لغته جيدا ويعيش في عشيرة لسانية متجانسة كليا.غير أننا إذا» استثنينا موقف الفاسي الفهري في مسألة المعطيات وطبيعتها وما يرتبط بهذا الموضوع الهام من إشكالات، فإن الكتابات التوليدية العربية الأخرى لم تحدد طبيعة هذا المتكلم السامع المثالي، وكأن الأمر لا يطرح أي إشكال بالنسبة إلى اللغة العربية، صحيح أن مفهوم المثالية مفهوم منهجي، ولا علاقة له بالدلالة العادية للكلمة، لكن واقع اللغة العربية استعمالا أو اكتسابا ليس هو واقع الإنجليزية أو الفرنسية أو الألمانية «(ص:238).
ثالثا- الكتابة التداولية الوظيفية العربية:
اهتم الدكتور مصطفى غلفان بتتبع مسيرة اللسانيات الوظيفية، وعرض لمصادرها الأساس، فوجد تلك المصادر موزعة بين المنطق والفلسفة اللغوية وبعض النظريات الحديثة.
ومن خلال عرضه لتلك المصادر والأسس استنتج غياب أي اهتمام حقيقي بالدراسات التداولية العصرية في الثقافة العربية، والمحاولة الوحيدة التي وقف عليها هي محاولة طه عبد الرحمن، وهو أحد المفكرين العرب الأوائل الذين حاولوا التعريف بالفكر التداولي، وتطبيقه في بعض مناحي الثقافة العربية الإسلامية.
فقد اهتم طه عبد الرحمن بالقضايا التداولية من وجهة نظر منطقية وفلسفية مستمدا وسائله النظرية والمنهجية من علمين حققا نتائج باهرة، هما: اللسانيات والمنطق. وهذا ما اكسب هذه النظرية رؤية منهجية ناقدة تنم عن وعي كبير بأهمية المنهج العلمي.
ولقد عرفت اللسانيات الوظيفية تطورات متلاحقة تمثلت في أعمال مدرسة براغ، وأعمال اللسانيين التشيكيين المعروفة بالوجهة الوظيفية للجملة والمدرسة النسقية (لندن)، وهذا ما عرض له الباحث بالدرس والتحليل، كما عرض لمبادئ النحو الوظيفي وبنيته العامة، المتمثلة في البنية الحملية، والبنية الوظيفية، والبنية المكونية، وتبنى هذه البنيات بتطبيق ثلاثة أنواع من القواعد: قواعد الأساس، وقواعد إسناد الوظائف التركيبية والتداولية، وقواعد التعبير.ليصل بعد ذلك إلى نحو اللغة العربية الوظيفي ممثلا له بكتابات المتوكل، التي تنم عن " متابعة" دقيقة لتطورات نظرية النحو الوظيفي الذي وضعه سيمون ديك. كما تتسم كتابات المتوكل بوحدة الرؤية النظرية والمنهجية، المحددة بأصول اللسانيات الوظيفية وتكييفها مع معطيات اللغة العربية، وترتب على هذه الوحدة في الأسس النظرية النظرة الشمولية لظواهر اللغة العربية المدروسة والتكامل فيما بينها. وقد مكنه ذلك من وضع جزء هام من نحو اللغة العربية الوظيفي.
هذه بعض السمات النظرية والمنهجية التي وسمت البحث اللساني العربي، وهي سمات تكشف عن اختلاف وتفاوت واضحين بين اللسانيين العرب؛ فبينما عجزت بعض الكتابات(التمهيدية والتراثية والوصفية) عن تحقيق أهدافها، نجحت كتابات أخرى، إلى حد بعيد، في السمو بالدرس اللساني العربي وتوجيهه وجهة صحيحة تتسم بالدقة والضبط، وهذا ما تعبر عنه كتابات عبد القادر الفاسي الفهري ذات السمة التوليدية، وكتابات أحمد المتوكل ذات التوجه الوظيفي، على سبيل المثال لا الحصر، وقد » تأتى لها ذلك بفضل ما تزودت به من أسس وأصول منهجية واضحة المعالم بشروط النظرية اللسانية العلمية من اشتغال بالمعطيات وتحديد الإطار النظري وصياغة صورية. وكان من النتائج المباشرة لهذه الدراسات، أن تغيرت النظرة إلى اللغة العربية، التي أصبح ينظر إليها، في ضوء الدراسات اللسانية، على أنها لغة طبيعية لا تختلف في شيء عن باقي اللغات العالمية الأخرى. كما لم يعد التجديد في البحث اللساني العربي مقصورا على الباحثين المستعربين، كما كان عليه الأمر في بداية القرن العشرين، بل إن بعض الكتابات (الفاسي الفهري والمتوكل) ساهمت بشكل ملحوظ في إغناء بعض النماذج الغربية نفسها، وبالتالي تبين أن الممارسة اللسانية العربية لم تعد مجرد تطبيق حرفي أعمى كما يدعي البعض ذلك «(ص:282).
بذلك كله يكون الدكتور مصطفى غلفان قد تتبع بالبحث والتحليل والتقويم مختلف اتجاهات البحث اللساني العربي بالكشف عن موضوعاتها ومناهجها وغاياتها. وهي أمور تدخل في عمق التحليل الإبستمولوجي.
إن تحديد موضوع اللسانيات تحديدا دقيقا شكل منطلقا حاسما في تغيير وجهة الدرس اللساني الحديث، إذ إن أول ما قام به سوسير هو تحديد موضوع اللسانيات، بحصر ما يدخل في طبيعة الممارسة اللسانية، وما ينأى عنها ليتاخم ممارسات أخرى. وبذلك حدد للسانيات أسسها وموضوعها وجهازها المفاهيمي حتى تتميز عن غيرها من الممارسات المحاقلة لها، يقول سوسير: » إن مهمة اللسانيات تتجلى في:أ.....ب.....ج: تحديد موضوعها وتعريف نفسها بنفسها «[45]. كذلك فعل تشومسكي عندما حدد موضوع الدرس التوليدي في الاهتمام بالنحو عوض الاهتمام باللغة.
وعلى هذا الأساس فقد أصبحت اللسانيات مع سوسير وبعده تشومسكي ممارسة صامتة للإبستمولوجيا من داخل اللسانيات، وهو ما يدخل في إطار تقليد علمي يقوم على تفكير تأملي في العلم وتنظيم داخلي للأسس بمراجعة مستمرة لمبادئه وأدواته المعرفية.
والواقع أنه على الرغم من أهمية تحديد الموضوع؛ فإن بعض اتجاهات البحث اللساني العربي لم تول اهتماما لهذا الجانب، وذلك ما حذا بمصطفى غلفان إلى إيلاء هذا الجانب ما يستحق من أهمية، واختبار مدى كفاية الاتجاهات اللسانية، بل وتصنيفها، اعتمادا على هذا المعيار.
أما من جهة المنهج فإنه لا ينفصل عن الموضوع، إذ إن» هناك ضرورة منطقية تجبر صنفا لسانيا على استخدام منهج مخصوص وهو يتناول بالدراسة الموضوع الذي ارتضاه«[46]. من هذا المنطلق ربط الباحث بين اتجاهات البحث اللساني العربي وبين مناهجها، فكان عمله بذلك في صميم البحث الإبستمولوجي، مادمنا نجد » عند الباحثين الإبستمولوجيين والمهتمين بمناهج العلوم، القول بأن"طبيعة الموضوع هي التي تحدد المنهج"، وإذن فالخطوة الأولى في كل بحث علمي هي تحديد الموضوع والتعرف على طبيعته«[47]
علاوة على ما ذكرنا اهتم مصطفى غلفان بالأصول الإبسمولوجية للنظريات اللسانية العربية مما مكن من ترتيبها في سياقاتها المرجعية، وفي ظل الشروط المعرفية والتاريخية التي أفرزتها. وبذلك يتجاوز التأصيل الملاحظات العارضة إلى النبش والحفر ومتاخمة الابستيمي، وهو ما يمكن من ملء الثغرات في الاتجاهات اللسانية العربية، وهذا لا يختلف في شيء عن تقاليد إبستمولوجية مترسخة في الغرب، تجد أبرز معالمها عند جوليا كريستيفا من خلال محاولتها الرامية الكشف عن مجموعة من الشروط الواقعية والذاتية والداخلية للإنتاجات النوعية للمفاهيم والنظريات العلمية[48]. ونظير ذلك نجده عند غلفان الذي اهتم بالشروط التاريخية للبحث اللساني العربي وهذا ما مكنه من التمييز بين خطاب لغوي نهضوي وخطاب لساني عربي حديث. واهتمامه كذلك بالشروط السوسيولوجية من خلال التمييز بين العوائق الذاتية والعوائق الموضوعية.
من القضايا الأساسية التي استأثرت باهتمام الباحث أيضا: المفاهيم المتداولة في اتجاهات البحث اللساني العربي، حيث لاحظ أن تلك المفاهيم تستعمل دون مراعاة لسياقاتها المرجعية؛ إذ » إن ما تعتبره القراءة اللسانية مفاهيم بسيطة مثل مفهوم العامل ومفهوم الحالة ومفهوم البنية العميقة والبنية السطحية ومفهوم التحويل وغيرها من مفاهيم التوليدية هي في العمق غير ذلك. إن المفاهيم اللسانية الحديثة ترتبط في جوهرها بمبادئ منهجية على جانب كبير من التعقيد النظري باعتبارها جزءا من شبكة من الإشكالات المتداخلة «[49].
إن الاهتمام بالمفاهيم وبطريقة تشكلها تبقى خطوة أساسية في كل ممارسة إبستمولوجية، ونستحضر في هذا الصدد بعض المحاولات الدالة في تاريخ اللسانيات، فقد اهتم بارت في كتابه"إمبراطورية العلامات" بالأصول المعرفية للمفاهيم السوسيرية: كالدليل، والاعتباطية، والنسق، والنظام.... ، ويعيد اعتمادا على ذلك، قراءة السياق المعرفي برمته للعصر الذي أنتج فيه سوسير أفكاره. كذلك فعل فوكو، وجان كلود شوفالييه الذي تتبع بناء المفاهيم النحوية خلال القرن السابع عشر والقرن الثامن عشر[50]
من هذا المنطلق فإن ابستمولوجيا اللسانيات يجب أن تهتم بالكشف عن الأصول المعرفية المختلفة للمفاهيم الواصفة، إذ الملاحظ أن الكثير من تلك المفاهيم تستعمل في كثير من الأحيان بعيدا عن سياقاتها المرجعية.
تلكم بعض الجوانب من نقد مصطفى غلفان للمصادر والأسس النظرية والمنهجية في اللسانيات العربية الحديثة، وإذا كان كل بحث يقيم بمصادره باعتبارها الأصول والمبادئ المنهجية التي يرتكز عليها اتجاه لساني معين، أو التي يعتمدها باحث معين في دراسة موضوع محدد، فإن مصادر الكتاب تكشف عن اطلاع واسع ودراية عميقة بمحتوى الكتابات التي تشكل مرجعا أساسا للبحوث الإبستمولوجية المعاصرة ونمثل لذلك بـ:بوبر(Popper)[51]وألمو(Ullmo)[52]، وباشلار(Bachelard)[53]، وكانغليم[54] وفيتغنشتاين(wittegenstein)[55] وغيرهم، كما يقيم المؤلف المصادر اللسانية بالرجوع إلى ينابيعها وأصولها بإحالته على تشومسكي (Chomsky)[56] وروس (Ross) [57]وفيلمور(Fillmore)[58] وكروس (Gross)[59] وماكفلي (McCawley)[60] وباخ (E.Bach)[61] ولايكوف (Lakof)[62] في إطار النحو التوليدي و الدلالة التوليدية.
أما في إطــار اللسانيات الوظيفة فنجد إحالات على:فريـج(Frège)[63]وراسل(Russel)[64] وكارناب(Carnap)[65]وتارسكي(Tarski)[66]وشارلموريس(Ch.Morris)[67]وأوسـتين Austine)[68]وهاليداي (Halliday) [69] وديك(Dick)[70]... وغيرهم. والواضح من خلال هذه المصادر أن المؤلف استطاع أن يقدم تقييما داخليا للسانيات العربية الحديثة، يقوم على توضيح مصادرها الأساس والعناية بقضاياها ذات المردودية المنهجية، مثل طبيعة المعطيات المعتمدة في التحليل اللساني وعلاقتها بالتقعيد وتحديد الإطار النظري[71].وبكل ذلك يبقى الكتاب من المحاولات التأسيسية لابستمولوجا لسانية عربية حديثة.
إن ترسيخ وعي نقدي في اللسانيات العربية يستلزم بالضرورة الوعي بأهميته ودوره في تصحيح مسار اللسانيات في الثقافة العربية، وهذا ما نجد بعض بوادره في المحاولات السابقة، غير أن تلك المحاولات، على أهميتها، تبقى محدودة؛ بالنظر إلى مجموعة من الصعوبات، لعل أهمها:
- سلطة الرقيب: التي تؤمن بالقداسة الفكرية والمشيخة، وتقضي على كل حوار علمي جاد وبناء[72].
- المجاملة: مجاملةُ المؤلف لصداقة بينه وبين المراجِع أو تغلب عليها القسوة لسبب من الأسباب غير العلمية. وكثيرًا ما تمر الكتب دون مراجعة بسبب المقايضة: أي أن (أ) يتغاضى عن المآخذ التي توجد في الكتاب الذي ألفه (ب) لكي يتغاضى (ب) بالمثل، عما يوجد في كتاب (أ) من المآخذ[73].
- عدم القبول بالاختلاف: فكثيرا، ما تتحول اللسانيات إلى تلاسن، لحسابات بعيدة كليا عن اللسانيات. – الاعتبارات القطرية الضيقة: وهي اعتبارات تحد الثقافة العربية بحدود جغرافية ضيقة، فينجم عن ذلك بعض الحسابات التي لا يفهمها إلا أصحابها .
- عزوف اللسانيين عن متابعة ما يكتب في مجال تخصصهم، وكأنهم غير معنيين به...
إن وضعا من هذا القبيل يوجب تضافر الجهود للنهوض بمستوى اللسانيات في الثقافة العربية، وتقويمها نظريا ومنهجيا حتى لا يبقى البحث اللساني في ثقافتنا ضربا من الأهواء، وحتى لا تبقى اللسانيات العربية لسانيات صامتة بتعبير المزيني.
هوامش وإحالات:
[1] - محمد وهابي، فقه اللسانيات: أسئلة التأسيس. جريدة العلم الثقافي. السبت 5 يونيو 1999: 9.
[2] - نفسه: 9.
[3] - محمد عابد الجابري، مدخل إلى فلسفة العلوم.الجزء 1، تطور الفكر الرياضي والعقلانية المعاصرة. مطبعة دار النشر المغربية: 13.
[4]- André Lalande, Vocabulaire technique et critique de la philosophie, 9° éd, voir Epistémologie
(نقلا عن وقيدي: ما هي الإبستمولوجيا ؟ مكتبة المعارف الرباط. ط2. 1987: 8.)
[5] - عبد السلام بن عبد العالي وسالم يفوت: درس الإبستمولوجيا. دار توبقال للنشر. الدار البيضاء
[6] - نشير إلى أننا اعتمدنا في صياغة هذه التعريفات المراجع التالية:
- محمد عابد الجابري: مدخل إلى فلسفة العلوم.
- عبد السلام بن عبد العالي وسالم يفوت: درس الإبستمولوجيا.
- محمد وقيدي: ما هي الإبستمولوجيا؟
- منهج و تقنيات البحث العلمي: مقاربة إبستمولوجية. منشورات عالم التربية.
J.Kristeva .Les épistémologies de la linguistique. Langages,n-24,1971.
J. Piaget:- Logique et connaissance. Gallimard. Paris. 1969.
Introduction à l’épistémologie génetique.T1.Paris 1973.
R.Blanché. L’épistémologie..PUF.Paris. 1955.
[7] - P.Boutroux: L’idéal scientifique des mathématiques.PUF.Paris نقلا عن محمد عابد الجابري: مدخل إلى فلسفة:1/47
[8] - محمد عابد الجابري: مدخل إلى فلسفة العلوم:1/ 58ـ59
[9] - J.Kristeva.Les épistémologies de la linguistique.p:4.
[10] - Ibid P:4
[11] - Ibid P:4
[12] - L. Mayet:Invitation à l’épistémologie.in Hors-série.Sciences et avenir. Décembre -Janvier.2003.p:3.
[13] - L. Mayet:Invitation à l’ épistémologie.p:3
[14] - محمد عابد الجابري، مدخل إلى فلسفة العلوم:1/58
[15]- مبروك سعيد عبد الوارث: في إصلاح النحو العربي دراسة نقدية. دار القلم الكويت.1985:173
[16]- الزين عبد الفتاح: قضايا لغوية في ضوء الألسنية، الشركة العامة للكتاب. الطبعة الأولى.1987: 5.
[17] - نفسه: 11
[18] - من العبارات التي تكشف عن ذلك النعوت التي يلحقها بعض اللسانيين بكتابات بعضهم: اللسانيات السريعة، لسانيات هبل، لسانيات الاشرئباب إلى المناصب... و قد آثرنا تجنب ذكر الواصف والموصوف درءا لتفشي مثل هذه اللسانيات في ثقافتنا اللسانية، و نظرا إلى ما يمكن أن يثيره الموضوع من حساسيات نحن في غنى عنها.
[19] - سعد مصلوح: دراسات نقدية في اللسانيات العربية المعاصرة، عالم الكتب.الطبعة الأولى. 141/ 1989:275.
[20] - نفسه: 275- 276.
[21] - أحمد مختار عمر:دراسة الصوت العربي. عالم الكتب.القاهرة.1987: 102.
[22] - لمعرفة هذا الاتجاه وخصوصياته يمكن الرجوع إلى مقالنا: اللسانيات في الثقافة العربية وإشكالات التلقي (اللسانيات التمهيدية نموذجا) مجلة فكر ونقد العدد 58/2004.
[23] - الحناش محمد: البحث اللساني بين العمق و العقم " سفر التهافت". مجلة دراسات أدبية ولسانية. العدد4.صيف/ خريف 1986: 113- 142
[24] -نفسه:116
[25] - علي حرب: الماهية والعلاقة نحو منطق تحويلي. المركز الثقافي العربي. ط1. 1998: 105- 108.
[26] - علي حرب: أصنام النظرية وأطياف الحرية: (نقد بورديو و تشومسكي).المركز الثقافي العربي. ط1. 2001: 70- 94.
[27] - وقفنا في الكتاب الأول على جملة من الملاحظات المغلوطة وسنسعى إلى تخصيص دراسة مستقلة لها بحول الله.
[28] - نقف على هذا النقد في محاضرة معنونة بـ " النظريات اللغوية المعاصرة وموقفها من اللغة العربية ألقيت بالنادي الأدبي في جدة 24/ 02/1408. وهي محاضرة تتناقض كليا مع ما ذهب إليه في المحاضرة التي ألقاها في الرباط: " النحو العربي واللسانيات المعاصرة"، منشورة ضمن أعمال البحث اللساني والسيميائي منشورات كلية الآداب الرباط.1984.
[29] - المصري عبد الفتاح: التفكير اللساني في الحضارة العربية. مجلة الموقف الأدبي. العددان 135/136 تموز / آب 1982: 233.
[30] - نفسه: 266.
[31] - بخصوص هذا المفهوم ينظر كتاب.Durand ,La systematique, PUF, Paris, 1979
[32] - رياض قاسم: البحث اللغوي الحديث في العالم العربي، مؤسسة نوفل.بيروت. الطبعة الأولى.1982: 14
[33] - عبد القادر الفاسي الفهري: اللسانيات واللغة العربية، دار توبقال للنشر. الدار البيضاء. الطبعة الثالثة. 1993.
: 1/ 35.
[34] - نفسه:36.
[35] - من بين أهم الترجمات التي أصدرها المزيني يمكن أن نشير على سبيل التمثيل لا الحصر إلى ما يلي:
+ ترجمة كتابي اللساني الأمريكي نعوم تشومسكي: language and the problems of knowledge,1988
اللغة ومشكلات المعرفة، دار توبقال، المغرب 1990م.
+ New Horizons in the study of language and Mind,2000.آفاق جديدة في دراسة اللغة والذهن. المجلس الأعلى للثقافة مصر.
+ ترجمة كتاب اللساني الأمريكي ستيفن بنكر: The language intinct : How mind creates language,1994 بعنوان: غريزة اللغة: كيف يبدع العقل اللغة. نشرته دار المريخ في الرياض،2000.
+ ترجمة كتاب ديفيد جستس The Semantics of from in Arabic, In The Mirror of European languaged,1987. محاسن العربية في المرآة الغربية أو دلالة الشكل في العربية في ضوء اللغات الأوروبية.
[36] - حمزة بن قبلان المزيني، مراجعات لسانية، الجزء الأول، كتاب الرياض رقم79، يونيو 2000. مقدمة الطبعة الثانية. يعتبر الكتاب من المراجعات النقدية القليلة في الثقافة العربية الجديرة بالقراءة.
[37] -.نفسه، مقدمة الطبعة الثانية
[38] - نفسه، مقدمة الطبعة الأولى
[39] - للاطلاع على بعض جوانب النقد عند العلوي ينظر، على سبيل المثال كتابه: الطبيعة والتمثال. الشركة المغربية للناشرين المتحدين. الرباط. 1988.
[40] عز الدين المجدوب، المنوال النحوي العربي، قراءة لسانية جديدة. كلية الآداب– سوسة. دار محمد علي الحامي.الطبعة الأولى. 1998 :6.
[41] - مصطفى غلفان: اللسانيات العربية الحديثة:دراسة نقدية في المصادر والأسس النظرية والمنهجية.جامعة الحسن الثاني- عين اشق كلية الآداب والعلوم الإنسانية. سلسلة رسائل وأطروحات.رقم 4: 56.
[42] - مصطفى غلفان: اللسانيات العربية الحديثة: 9.
[43] - نفسه:9( وتفاديا للتكرار نحيل بالأرقام الواردة في نهاية النصوص على صفحات الكتاب)
[44] - نفسه:57.
[45] - F.D. Saussure.Cours de linguistique generale.Payot. Paris .1960.p :20
[46] - محمد الأوراغي، الكليات والوسائط، (في جزءين) منشورات دار الأمان، الطبعة الأولى 1421هـ/2001 :41
[47] - محمد عابد الجابري، التراث ومشكل المنهج. ضمن كتاب المنهجية في الأدب والعلوم الإنسانية:71.
[48] - J. Kristeva, Les épistémologies de la linguistique.P.2-13
[49] - مصطفى غلفان، اللسانيات العربية الحديثة:150
[50] - J kristeva, Les épistémologies de la linguistique.P.5
[51] - نفسه:147هامش 48، ص:151 هامش 61 – 62 – 63.
[52] - نفسه: 149 هامش 54- 55، ص:151 هامش64،ص: 152هامش 65.
[53] - نفسه: 150 هامش 56، ص:152 هامش67
[54] - نفسه: 152 هامش 68، ص:164 هامش 91.
[55] - نفسه: 247 هامش 11.
[56] - نفسه: 247 هامش 11.
[57] - نفسه: 214 هامش 22.
[58] - نفسه:216 هامش 27، ص: 218 هامش 29.
[59] - نفسه: 239 هامش 67.
[60] - نفسه: 210 هامش 16.
[61] - نفسه: 210 هامش 16.
[62] - نفسه: 210 هامش 16.
[63] - نفسه: 246 هامش 8.
[64] - نفسه: 246 هامش 8.
[65] - نفسه: 246 هامش 8.
[66] - نفسه: 246 هامش 8.
[67] - نفسه: 246 هامش 9.
[68] - نفسه:246 هامش 10، ص: 247 هامش 12. ص: 248 هامش 13.
[69] - نفسه:256 هامش 24، ص: 257 هامش 25. وهامش 26.
[70] - نفسه: 259هامش 29، ص: 259 هامش 30. ص: هامش 33.
[71] - نفسه: 279.
[72] - أورد الدكتور حمزة بن قبلان المزيني في مقدمة كتابه مراجعات لسانية نصا جاء فيه: « فقد كتب الأستاذ رئيس النادي الأدبي في تقديمه للكتاب (ص7) أنه "...حينما يتبنى النادي طباعة هذا الكتاب فليس معنى ذلك أنه يقر الاتهام الموجه إلى الدكتور رمضان عبد التواب وهو علم بارز من أعلام وأساطين اللغة العربية الأكفاء. فللدكتور رمضان من علمه ومكانته المعروفة ما يشفع له في مواجهة هذه التهمة. . .". وقوله (ص8): "إن قيام النادي الأدبي بنشر هذا الكتاب ليس من باب تأييد الاتهامات بين بعض الكتاب وبعض...(مقدمة الطبعة الثانية من الكتاب)
[73] - نفسه، مقدمة الطبعة الأولى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق